شرح مبسط ومقتبس لقصيدة ( رسول الهدى ) صف تاسع – فصل ثاني
========================================
1- أمنْ تذكر جيرانٍ بذي سلمٍ *** مزجْتَ دمعا جَرَى من مقلةٍ بدمِ
----------------------------------------------------------------------------
أتذكرت أملك ومنتهى ما تصبو إليه نفسك بتلك الأماكن النائية التي عجزت عن الوصول إليها فبكيت
هذا البكاء الحار الذي امتزج فيه دمعك بدمك؟
2- أَمْ هبَّتِ الريحُ مِنْ تلقاءِ كاظمةٍ *** وأَومض البرق في الظَّلْماءِ من إِضمِ
أم هبت الريح من جهة هذه الديار فشممت شذا أنفاس الحبيب. أومض البرق فذكرت بريق ثغر. فيه ماء
حياتك ومنبع ارتوائك؟
3- لولا الهوى لم ترق دمعاً على طللٍ *** ولا أرقْتَ لذكر البانِ والعَلمِ
لولا الهوى يا صاح لم ترق هذه الدموع ، ولا حُرمت لذيذ النوم لذكرى ديار نائية ليست لك بوطن، ولا كنت في واد وعقلك في واد.
4- يا لائمي في الهوى العُذري معذرة *** مني إليك ولو أنصفت لم تَلُم
لما أقر بحبه أحس بخطئه في إذاعته سره فوجه معذرته إلى من يتوقع منه اللوم على الحب فقال يا لائمي في اعترافي بهواي البريء من كل شين إني أعتذر إليك فيما فرط مني. ولو أنصفتني ما وجهت إلي أي لوم.
5- محمدٌ سيّدُ الكونَيْنِ والثقل *** نِ والفريقينِ مِن عُربٍ ومن عَجَمِ
ومن ذا الذي تحلى بهذه الصفات وجمع هذه الكمالات وطبع على هذه المكارم؟ هو محمد سيد الإنس والجن والعرب والعجم مبعث الهدي والنور لسائر الأُمَم صلى الله عليه وسلَّم.
6- حاشاهُ أن يُحرمَ الرّاجي مكارمَهُ *** أو يَرجِعَ الجارُ مِنْهُ غيرَ مُحتَرَمِ
وحاش لله أن يستجير به مستجير أو يرجوه راج فلا يأمن المستجير ولا ينال الراجي مبتغاه فبشراك يا نفسي. لأنه لو لم يقبل رجائي ويُجيرني من عذاب شديد لعلي كنت لم أقف لمدحه بهذا الخصوص
7- ولَنْ يفوتَ الغِنى مِنْهُ يداً تَرِبَتْ *** إنَّ الحيا يُنْبِتُ الأزهار في الأكمِ
ولا يفوت حنانه وعطفه نفس تعلقت به لأنه صلى الله عليه وسلم أعظم من المطر نفعاً، والمطر يروي الأرض المقفرة التي لا ينتفع بها كثيرا فينبت فيها الزهر وهي غير أهل له لخلوها ممن ينتفع به
8- أكرِم بِخُلْقِ نبيٍّ زانَهُ خُلُقٌ *** بالحُسنِ مشتَمِلٍ بالبِشرِ مُتَّسِمِ
فأكرِم به من نبيّ تحلى بالحُسن خَلقاً وخُلُقا ولم يفارقه البِشْر يسرا وعسرا.
9- كالزَّهْرِ في تَرَفٍ والبَدرِ في شَرَفٍ *** والبَحرِ في كَرَمٍ والدَّهرِ في هِمَمِ
فهو كالزهر ليناً ورِقّة، وكالبدر شرفاً وعلوا وارتفاعا. وكالبحر كرما وعطاء. وكالدهر قوة وبطشا. والغرض من هذا التشبيه تقريب المعنى للأذهان كالتشبيه في قوله تعالى: {مثلُ نوره كمشكاة فيها مصباح * المصباح في زجاجة * الزجاجة كأنها كوكب درّيٌّ يوقَدُ من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يُضيء ولو لم تمسسه نار * نور على نور}، لأن قدر النبي أعلى من أن يشبه بالزهر والبدر والبحر والدهر.
10- كأنَّما اللُّؤلُؤُ المكنونُ في صَدَفٍ *** مِن مَعدِنَيْ منطِقٍ مِنْهُ ومُبتَسِمِ
ومع هيبته هذه التي تخِرّ أمامها الجبابرة فهو إذا تكلَّم خِلت الدُّرَّ يتناثر من فمه حلاوة ورقة وإذا سكت نظرت اللؤلؤ المكنون مستقراً بين شفتيه صفّاً ولمعانا. فما لآليء الصدف المكنون إذا قيست بلآليء حكمه البالغة إلا خزف فسبحان من كوَّنه وجمَّله.
-------------------
المدرس محمود الضاهر