موضوع الوحدة الرابعة أدبي
إعداد المدرّس علي سلطان
قيل: " عالج الأدباء العرب قضايا مجتمعهم الاجتماعية والوطنية ، فمنهم من رأى الواقع معطىً ثابتاً والإنسان فيه مستسلم لشقائه وآخرون رأوا الواقع متغيّراً يمتلك الإنسان فيه إرادة التغيير والتفاؤل ليصنع المستقبل الواعد " .
ناقش واستشهد بما مررت به من نصوص
الأدب مرآة يرى فيها الناظر حال مجتمعه ، فقد تبصّر من خلالها الأدباء واقعهم ، فقرؤوا عيوبه ، وتمتّعوا بربوعه ، وتفاءلوا بمستقبل مشرق له .
يصوّر الشاعر جورج صيدح البنّاء وهو يغالب قسوة الحياة ، وشظف العيش ، فهو يبني لغيره فيشقى وينعمون فإذا هو إنسان أسير ظروفه وبيئته مجبر على التسليم بهذا الواقع عاجز عن تغييره يقول :
يبني القصور وكوخه خرب ساءت حياة كلّها تعب
صبراً على الأيام إن عبست هيهات يفرج ضيقها غضب
والشاعر يجري مقارنة بينه وبين البنّاء فكلاهما مبتلٍ بالشقاء والسعي الذي لا جدوى منه ، فالبنّاء يبني القصور للآخرين ولا يناله من ذلك أيّ ثواب ، أمّا الشاعر فهو يقدّم أدبه على كل شيء في حياته يقول صيدح :
بيني وبينك في البلاء وإن كذبت عليك ظواهري نسبُ
أشقاك سعي لاثواب له أمّا أنا فمصيبتي الأدب
والشاعر أحمد شوقي ينظر إلى العمال نظرة فيها كثير من الإعجاب ، ولكنه يؤكد على ضرورة تقديم العالم كل إمكانته لخدمة الآخرين ، وإذا وصل إلى المطالبة بأجوره وحقوقه يطلب منه أن يكون لطيفاً في تلك المطالب وإن لم يصل إليها ، فيعوضهم الله ويفتح لهم آفاقاً جديدة :
أيّها العمال أفنوا الــــــــــــ ـــــــعمر كداً واكتسابا
اطلبوا الحقّ برفق واجعلوا الواجب دابا
واستقيموا يفتح اللـــــــــــــــــــــــــ ــــــــه لكم باباً فبابا
أمّا الشاعر خليل حاوي فهو يسعى لتحقيق الأمل لتغيير الواقع من خلال بعثه جيل متمرّد على كوابيس الضعف والعجز والتخاذل لذلك فإنه يستنجد بالمعجزات لولادة هذا الجيل الجديد الذي يحقّق طموحاته كما يحقق له وللإنسان الخلاص الروحي ، يقول حاوي :
أنكر الطفل أباه أمهُ
ليس فيه منهما شِبه بعيد
ما له ينشقّ فينا البيت بيتين
ويجري البحر ما بين جديد وعتيق
صرخة تقطيع أرحام
وتمزيق عروق ؟
ويبقى حاوي متفائلاً بهذا الجيل الذي سينتقل من عهود امتلأت بالظلم والاستعباد إلى عهود مشرقة تبشّر بغد مشرق :
يعبرون الجسر في الصبح خفّاقاً
أضلعي امتدت لهم جسراً وطيد
من كهوف الشرق من مستنقع الشرق
إلى الشرق الجديد
أضلعي امتدّت لهم جسراً وطيد
وسليمان العيسى ليس أقل تفاؤلاً فهو على استعداد أن يقدّم أغلى ما عنده لرفاقه كي ينتقلوا من العبودية والاستغلال إلى التحرّر ولاستقلال :
تقضي الرجولة أن نمدّ جسومنا جسراً فقلْ لرفاقنا أن يعبروا
والأمّ في قصّة الأديبة ألفة الإدلبي تمثّل الواقع الاجتماعي المتخلّف لأسرة كبيرة العدد تكون عالة على المجتمع بجهلها وجهل أفرادها فهي عندما تريد حلّ أزمة ابنها يسيطر الجهل والاستغلال على الموقف عندما يبتلع ابنها الليرات الذهبية للحفاظ عليها من اللصوص ، لكن القائمين على المشفى الذي نقل إليه أخرجوا تلك الليرات وسرقوا معظمها ، ويعبّرون بذلك عن حالة الاستغلال التي يتعرّض لها المرء في حياته . تقول في جانب من جوانب القصة : " قمت وجررت نفس إلى المستشفى وهناك طالبت بمالي وإذا هم يدفعون لي عشرين فرنكاً وعشر ذهبيات فقط وقالوا لي هذا ما وجدناه في جوف ابنك وأقسم لك ياسيدي القاضي أنّ الفرنكات كانت عشرة والذهبيات عشرين إنكليزية أم حصان " .
وهكذا نجد أنّ أديبنا العربي استطاع أن يعالج قضايا مجتمعه الاجتماعية والوطنية ، فبعضهم صوّر شقاء الكادح العربي المستسلم لمصيره ، وآخر حرّض على التغيير لأنه وجد أنّ الإنسان العربي يمتلك الإمكانات والعزيمة بعد أن فرش له بشائر التفاؤل بالمستقبل .
- لا يمكن اعتبار ما تقدّم موضوعاً متكاملاً ، وإنما هو نموذج يحتاج إلى بعض الجهود من الطالب ليكمله بأسلوبه ...
إعداد المدرّس علي سلطان