إعداد المدرّس علي سلطان
الوحدة الثانية الاتجاه الإنساني في الأدب العربي
الموضوع الثاني :
عانى الإنسان العربي عهوداً طويلة من الظلم والاستعباد في مجتمع تتحكّم فيه قوى ظالمة فرسم معاناة المظلومين المقهورين داعياً إياهم إلى التضحية من أجل أرضهم .
مخطط الموضوع :
المقدمة : الحديث عن معاناة الإنسان عهوداً طويلة من الظلم أو ما يناسب ذلك
- رسم معاناة المظلومين المقهورين .
- الدعوة إلى الثورة على الظالمين .
- تضحية الإنسان من أجل أرضه .
المقدمة :
تاريخ الإنسانية في الشعر العربي قديم قدم الشعر نفسه لما له من ارتباط وثيق بطبيعة الإنسان العربي فهو لم ينعزل يوماً عن إنسانيته التي يعتزّ بها ، حيث ساهم في بناء الحضارة الإنسانية ودافع عنها ، فكان الشاعر لسان حال ذلك العربي الذي ينشد العلاقات الإنسانية بكل معانيها وقيمها على اعتبار أنّ الناس كلهم متأثرون ببعضهم البعض .
الفكرة الأولى :
- رسم الأدباء العرب معاناة المظلومين الذين مارست عليهم قوى الاستغلال والاحتلال كل أنواع الظلم والقهر والبغي ، فمن إفريقية القارة السمراء التي عاشت عهداً من الظلم تحت نير سياسة التمييز العنصري ، رسم الشاعر الفيتوري صورة تعكس الحال المأساوية التي يعيشها الإفريقي عارياً حافياً ذليلاً خانعاً لجلاده وذلك في قوله :
إن نكن بتنا عراة جائعينا أو نكن عشتا حفاة بائسينا
إن يكن سخّرنا جلادنا وبنينا لأمانينا سجونا
ورفعناه على أعناقنا ولثمنا قدميه خاشعينا
والكاتبة القصصية غادة السمان تصوّر معاناة الإنسان العربي والحال التي وصل إليها في نظر الشعوب المتحضّرة ، فهو إنسان مرعب لأن اسمه وجواز سفره يمكن أن يخلقا مشكلة في أي مطار من مطارات تلك المجتمعات المتحضّرة ، فعندما دخلت مطار برلين في ألمانيا قابلها جميع العاملين على أنها إرهابية فعانت ما عانت من معاملة القائمين على المطار ففتشوا كل شيء بحوزتها فقط لأنها عربية سورية بينما يحاول نفس العاملين التودد و التقرب من كاتبة ألمانية كانت تتقدّم كاتبتنا :
" حين تناول موظف " بان أميركان " جواز سفري وقرأ أنني عربية لبنانية قطع تثاؤبه ، وبدا عليه أنه استيقظ تماماً ، وحين قرأ أنني من مواليد دمشق وسورية الجنسية قبل زواجي جحظت عيناه ، واستيقظ الهاتف الموضوع أمامه كما لو كان اسم سورية إصبع ديناميت مشتعل الفتيل "
والشاعر معين بسيسو يبيّن مأساة غزة في ظل الحصار الذي يفرضه الاحتلال حيث ينتشر الجوع والموتى في كل مكان ولا يكترث العالم بأسره بمصاب الشعب الفلسطيني:
هذه غزة في مأتمها تدورْ
ما بين جوعى في الخيام وبين عطشى القبور
الفكرة الثانية :
- وإلى فلسطين التي سامها الصهاينة كل أنواع الإرهاب والتعذيب والقتل والمرارة راح الأدباء يلعنونها باسم الشعب ثورة على قوى الظلم الاستعمارية الصهيونية ومن يساندها ، مبرزين التضحيات من أجل تحرير الوطن وفي ذلك قال الشاعر توفيق زياد مخاطباً فئات الشعب :
فارفع صوتك ياشعبي الحيّ
يا عامل .. يا كادح ... يا إنسان !
ارفع قامتك المغتصبة
تتحدّى أعداء الإنسان
والشاعر سميح القاسم يدعو إلى الثورة لأنها الخلاص الأمثل من الظلم والاستعباد ، وهي نافذة الأمل التي نطل منها على معالم النصر :
وهناك في الأفق القريب وهناك في الأفق البعيد
ليست تتم الأرض دورتها بلا نصر جديد
فاحمل لواءك وامض في هذا الطريق
أبداً على هذا الطريق
شرف السواقي أنها تفنى فدى النهر العميق
والشاعر الأسمر محمد الفيتوري عشق الحرية وطلبها لكل المظلومين في القارة الأفريقية يدعو أبناء جلدته إلى الثورة على المستغلين الذين مصّوا دماء الفقراء واستنزفوا طاقاتهم ولعبوا بهم كما يشاؤون :
قم.. تحرر من توابيت الأسى لست أعجوبتها.. أو مومياها
الفكرة الثالثة
تضحية الإنسان من أجل أرضه ، لأنها أرض الآباء والأجداد وأرض الحاضر والمستقبل التي لا يمكن التنازل عنها تحت أيّ سبب كان يقول الفيتوري :
ها هنا واريت أجدادي ... هنا وهم اختاروا ثراها كفنا
وسأقضي أنا من بعد أبي وسيقضي ولدي من بعدنا
وسميح القاسم الشاعر الفلسطيني الذي عشق تراب وطنه فرفض أن يغادره أو أن يتخلّى عنه ، وهو مستعدّ أن يقدّم كل غال من أجل الحفاظ عليه :
بضلوع موتانا نثير الخصب في الأرض اليباب
بدمائنا نسقي جنيناً .. في التراب
ونرد حقلاً .. شاخ فيه الجذع .. في شرخ الشباب
توفيق زيّاد يخاطب كل الدنيا خطاباً عالي الصوت فيه التحدي والحب والتمسك بالأرض فهو مستعد أن يقدّم كل شيء من أجل تراب وطنه :
فلتسمع كل الدنيا
فلتسمع
سنجوع ونعرى
قطعاً نتقطّع
ونسفّ ترابكِ
يا أرضاً تتوجّع
ونموت ... ولكنْ
لن يسقط من أيدينا
علم الأحرار المشرع!
قال هاشم الرفاعي على لسان لاجئ يوصي ابنه قبل موته يعبّر في ذلك عن عمق المعاناة في البعد عن الوطن لاسيما إذا كان بالإكراه ويدعوه إلى التشبث بأرضه وعدم التنازل عنه:
هم أخرجوك فعدْ إلى من أخرجوك
فهناك أرض كان يزرعها أبوك
قد ذقتَ من أثمارها الشهدَ المذابْ
فإلامَ تتركها لألسنة الحراب ؟
خاتمة مناسبة
مما سبق نستنتج أن الشعراء العرب واكبوا بأقلامهم مسيرة وطنهم الكبير ونافحوا عنه بكل قدراتهم فرسموا مظاهر الظلم والاستغلال التي عانى منها ، كما دعوا إلى الثورة على ذلك الواقع لخلاص الإنسان العربي من مظاهر ذلك الظلم ، ورأوا أنّ ثمن ذلك هو التضحية والفداء للوصول إلى وطن متحرر من كل أشكال القهر والعبودية .
- لا يمكن اعتبار ما تقدّم موضوعاً متكاملاً ، وإنما هو نموذج ليس إلا ...
إعداد المدرّس علي سلطان