مدرسو اللغة العربية في سورية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مدرسو اللغة العربية في سورية

منتدى يهتم بتدريس مادة اللغة العربية في سورية لكافة المراحل
 
الرئيسيةالتسجيلالبوابةأحدث الصوردخول

 

 موضوعات تعبير ثالث ثانوي أدبي وعلمي قديم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أسامة حيدر




عدد المساهمات : 17
نقاط : 49
تاريخ التسجيل : 22/03/2013
العمر : 61

موضوعات تعبير ثالث ثانوي أدبي وعلمي قديم Empty
مُساهمةموضوع: موضوعات تعبير ثالث ثانوي أدبي وعلمي قديم   موضوعات تعبير ثالث ثانوي أدبي وعلمي قديم I_icon_minitimeالسبت أبريل 13, 2013 6:36 am

الموضوع الأوّل:
في كلّ مناسبة كان أدباء العربيّة يعودون إلى التّاريخ يستحضرون صفحات منه علّها تكون نبراس هداية يضيء حاضراً مظلماً ، أو تكون دافعاً لثورة ومحرّضاً لنضال . ناقش و استشهد .
الماضي عند الإنسان العربيّ قاعدة الحاضر منه يبدأ الانطلاق ، وإليه يعود في الأزمات لأنّه يشكلّ صفحات مشرقة في كتاب هذه الأمّة الّذي ما تزال تُحْسد عليه على طول الزّمن ، إنّه تاريخ انتصارات ، وتاريخ بطولات ، وتاريخ إيمان لا يطاوله تاريخ آخر .
- ففي عهد الاستبداد العثمانيّ ، وحين رأى الأدباء أنّ العرب متقاعسين عن الوقوف في وجه المستبدّ رجعوا إلى التّاريخ يستحضرون منه صوراً تلهب حماس الشّعب ، وتشعل مشاعره بالغضب على هذا المستبدّ ، فهذا اليازجيّ يقول مخاطباً أبناء العروبة :
ألستم من سطوا في الأرض و اقتحموا شرقاً و غرباً وعزّوا أينما ذهبـوا
ومن بنوا لصروح العزّ أعمــــدة تهوي الصّواعق عنها وهي تنقلب .
وهذا الرّصافيّ يعود هو الآخر إلى الماضيّ يمجّده ويعبّر عن اعتزازه به ، عندما رأى أنّ الجهل يتفشّى بين أبناء العروبة في عهد الاستبداد ، ورأى أنّ أمّته ،وهي تسير في طريقها هذا ، لن تقوم لها قائمةٌ :
إنّا لمن أمّة في عهد نهضتها بالعلم والسّيف قبلاٍ أنشأت دولا
وفي عهد الاستعمار الغربيّ ، كانت العودة إلى الماضي سلاحاً فعّالاً لطرد الغزاة من أرض الوطن ، وإشعال نار الثّورات ، فكم من قصيدة صنعت ثورة !وكم من بيتٍ شعريّ جنى انتصاراً ! وكم من مرّةٍ تمنّى فيها الشّعراء أن يستحضروا الماضي برجالاته وقادته ليرى أبناءُ الماضي أحفادَهم ، وقد اتّعظوا من ماضي أجدادهم وطردوا المستعمر عن أرض الوطن ، فهذا شفيق جبري يتمنّى لو أنّ صلاح الدّين يرى بعينه كيف طرد أحفادُه أبناءُ سوريّةَ المستعمرَ عن أوطانهم رابطاً بين الماضي و الحاضر:
ليت العيون صلاح الدّين ناظرة إلى العدوّ الّذي ترمي به البيدُ
ويدلو الشّاعر الجواهري بدلوه هنا فيرى أنّ دماء الشّهداء الماضين بدايةٌ لسيل دماء الحاضر الّذي يروي الأرض و يحرّرها من المستعمر البغيض ، بل إنّ تلك الدّماء تقي أبناء اليوم من الوقوع في العثرات :
كأنّ بقايا دم السّابقيــ ن ماض يمهّد للحاضر
كأنّ رميمهم أنجـم تسدّد من زلل العاثر
ويلتفت الشّاعر المهجريّ إلى شهداء الأمس ، ورجالاته ؛ آبائنا وأجدادنا ، فيرى فيهم المثل و القدوة لأنّهم ضربوا أروع الأمثلة في البذل و العطاء حيث كانوا يردون الموت ، ويبتردون بنار الحرب :
تلك الجبابرة الأبطال ما ولدت للمجد أمثالهم أمّ ، ولـن تلـدا
للّه أروعـهم ، كالنار متقـدا يبغي حياض الرّدى بالنّار مبتردا
هكذا شرع الأدباء يستحضرون الماضي في كلّ مناسبة عظيمة تمرّ بهذه الأمّة ، ولبّى أبناء الوطن نداء الماضي ، فنهضوا في وجه الظّلم ، واشتعلت الثّورات في كلّ مكان من أرض هذا الوطن مؤكّدين في كلّ مرّةٍ أنّ أبناء اليوم هم حفدةُ صلاح الدّين ، وخالد بن الوليد وقتيبة بن مسلم و طارق بن زياد
فكانت الثّورة السّوريّة ، والمصريّة ، والليبيّة ، والفلسطينيّة ، وقد جسّدها الأبطال شهيداً تلو شهيد ، ورسمها أدباؤنا بقصائدهم ملحمةً تلو ملحمةٍ ، ففي مصر قامت الثّورة المصريّة ضدّ الاحتلال الإنكليزي ، وقدّمت الكثير من الشّهداء عام 1919م .
وفي ليبيا نهض اللّيبيّون نهضة الرّجل الواحد في وجه الإيطاليّين وقدّمت ليبيا الكثير من الشّهداء ، وعلى رأسهم شيخ المجاهدين عمر المختار الّذي رثاه أحمد شوقي في قوله :
يا أيّها السّيف المجرّد في الفلا يكسو السّيوف على الزّمان مضاء
تلك الصّحارى غمد كلّ مهنّد أبلى فأحسن في العدوّ بـــلاء
وفي سوريّة اشتعلت الثّورة السوريّة الكبرى مطالبة بخروج المحتلّ خارج أسوار الوطن ، وسقط الشّهداء في كلّ مكان باذلين الدّم فداء للوطن وذلك عام 1925م ، وبعد خروج المحتلّ من أرض سوريّة ، ونيلها الاستقلال خلّد الشّاعر أبو ريشة هذه الثّورة المباركة بقوله :
يا عروس المجد تيهي و اسحبي في مغانينا ذيول الشّهب
لن تري حفنة رمل فـوقـها لم تعطّر بدما حرّ أبـيّ
و في فلسطين هبّ الشّعب المقاوم لجحافل الغزاة في كلّ مكان ، وشارك أبناء سوريّة في هذه المقاومة ، وقد خلّد الشّاعر اللّبنانيّ الأخطل الصّغير جهاد فلسطين وثورتهم عام 1936م :
يا جهاداً صفّق المجد له لبس الغار عليه الأرجوانا
شرف باهت فلسطين به و بناء للمعالي لا يـدانى
واستمرّ النّضال ، وما زالت قوافل الشّهداء وبطولات الرّجال و النّساء في جنوب لبنان و في جولاننا وفي أماكن أخرى من هذا الوطن تؤكّد أنّ الوطن الّذي أنجب أولئك الأبطال ليس عقيماً فما زال فيه من يرد الموت و يبترد بناره .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الموضوع الثاني:
من مظاهر ارتباط الإنسان بوطنه وأهله الحنين والشّوق إليهم ، ولقد رسم أدبنا العربيّ صوراً لذلك مشيراً إلى معاناة إنساننا خارج الوطن الأمّ وجراح الغربة ، والأمل بالعودة.
خرج العربيّ من أرض الوطن لأسباب كثيرةٍ ، منها النّفي بسبب جور مستعمر كريه أو بحثاً عن حريّة مفقودة ، أو نشداناً للقمة العيش أو ...ولكنّ تلك الأسباب مجتمعةً تركت في نفس ذلك المهاجر أو المهجَّر عن أرض الوطن الكثير من الجراح و الآلام الّتي لا تندمل إلاّ إنْ كُتِبَت له العودةُ وهو يملك الحريّة .
و لقد رسم أدبنا العربيّ صوراً لظاهرة الحنين إلى الدّيار و الشّوق إلى الأهل ، فهذا الزّركلي عندما هُجِّر عن أرض الوطن أبرز حنينه إلى سوريّة الّتي أحبّها ولو كان يملك زمام أمره لما تركها :
أُقْصيت عنك ولو ملكتُ أعنّتي لم تنبسط بيني و بينك بيدُ

وهذا شفيق معلوف يشير إلى شوقه إلى الأهل الّذين تركهم في مرابع الصّبا يلهث خلف أخبارهم وماضيه معهم فيقول :
أيّ صوت أدعى غداة التّنادي من نداء الأكباد للأكبـاد
ثمّ يبرز حنينه إلى الدّيار ، حيث ملاعب الصّبا و الذّكريات ، ووطنه الّذي يسكن في القلب لا يبرحه فيقول :
نشط الشّوق للإياب ونادى باسم لبنان في الضّلوع مناد
أمّا الذّكريات فما أكثرها تنغّص عليه حياته الجديدة ، تلك الذّكريات المتناثرة هنا وهناك على تراب الوطن ، وفي كلّ زاوية من زواياه فوق هضابه ، وعلى سهوله ، وفي كلّ ركن من أركان بيته:
هاك ملهى الصبا فيا قلب لملم ذكرياتي على ضفاف الوادي .
وقد اعتصر الحنينُ الإنسانَ الفلسطيني الّذي ترك دياره إلى ملاعب الصّبا ومواطن الذّكريات ، فشرع يبرز حنينه إلى تلك الدّيار و هاتيك المواطن :
تناديني السّفوح مخضّبات وفي الآفاق آثار الخضاب
تناديني الجداول شاردات تسير غريبة دون اغتراب
أمّا الشّوق إلى الأهل المقيمين في أرض فلسطين ، فقد هدّ كيانَ الإنسانِ المشرّدِ عن وطنه :
ويسألني الرّفاق ألا لقاء وهل من عودة بعد الغياب
وللغربة آلام ، وأيُّ آلام ؟! آلامُ البعد أم آلام العمل و منغّصاته أم آلام الشّوق و الحنين؟ ...وعلى كلّ حال أيّاً كانت الآلام فإنّها تترك في النّفس آثارها ، وكذلك في الجسد أقلُّها تجاعيدُ تنمّ عنها ، وتحدّث حديثها:
في قلوب المغرّبين جراحٌ حملوها على الجباه الجعاد
والحديث عن الأمّهات له شجون ، فكلّ شيء مرتبط بهنّ ، فهنّ الوطن ، وهنّ الذّكريات ، وهنّ الحنين وهنّ الشّوق ، وهنّ الأمّهات . فدموعهنّ غالية ، وعندما يحزنّ يحزن الوطن وتعتم الدّنيا، وغصّتهنّ حرقة في قلوب الأبناء، ولوعة في الفؤاد . يقول الشاعر مظهراً معاناة الأمّهات وقد فارقن فلذات أكبادهنّ :
غصص الأمّهات ما هي إلاّ ذممٌ في خفارة الأولاد .
وهذا أبو سلمى يبرز معاناة الإنسان الفلسطينيّ خارج دياره ، وندمه لابتعاده عن أرضه :
فلسطين الحبيبة كيف أحيا بعيداً عن سهولك و الهضاب
وكي يصبر المهاجر لا بدّ له من أمل ، و أمل العودة هو الذّي يبقيه صابراً على مرّ الحياة وعذاب البعد وآلام الغربة :
حان أن يخنقوا الشّراع ويطووا علم الفتح بعد طول الجهاد
وكان الأديب الفلسطينيّ متأكّداً من العودة الظّافرة ، ويحلم بها حلماً كاليقين :
غداً سنعود و الأجيال تصغي إلى وقع الخطا عند الإياب
ومن هذا كلّه نجد أنّ الأدب قد رافق مسيرة الإنسان العربيّ و أشار إلى ظاهرة من أخطر الظّواهر الّتي عاشها هذا الإنسان لما فيها من مرارةٍ متنوّعة ، تارة يشكّلها البعد عن الوطن ،وتارة عن الأهل ، وتارة صعوبة العيش في الغربة ، وتارة غصص الأمّهات المكلومات نتيجة بعد فلذات الأكباد عنهنّ ، وتارةً أخبارُ وطن جريح يعبث فيه الفاسدون .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الموضوع الثالث :
كي يكون للكلمة صدقها و تأثيرها لا بدّ من أن ترتبط عند الأديب بالفعل ، وإلاّ ذهب الكلامُ هباءً .
لا قيمة للكلمةِ ما لم تُترجم إلى فعل . ولا قيمة لها مالم تكن صادرةً عن عاطفة صادقة .إذاً حين يرتبط القول بالفعل يغدو للقول قيمةٌ ، وتتوّج هذه القيمة بالعاطفة الصّادقةِ . وقد أدرك الأدباء ما لأهميّة هذا التّرابط من مصداقيّة لهم عند شعوبهم ، ولا عجب في ذلك فالأديب شعلةٌ مضيئةٌ تنير طريق الشّعوب لتحظى بمطالبها ، وتنال حريّتها بعيداً عن الاستغلال و القمع و القهر .
و لقد حظيت هذه الأمّة بأدباء ربطوا أقوالهم بأفعالهم ، وشاركوا أبناء أمّتهم في دقائق حياتهم المصيريّة ومن هؤلاء الأدباء الكواكبي الّذي ناضل ضدّ المستبدّ العثمانيّ بالقول و الفعل ، فسجن من جرّاء ذلك ، وطُرد من وطنه سوريّة إلى مصر وأُحرقت جريدتُه أكثر من مرّةٍ ، ومات مسموماً في ظروف غامضة .فها هو يشير إلى مطاردة المستبدّ لرجال العلم : " والغالب أنّ رجال الاستبداد يطاردون رجال العلم و ينكّلون بهم ، فالسّعيد منهم من يتمكّن من مهاجرة دياره "
وهذا شاعرٌ من شعراء سوريّة سجن من قبل الفرنسيين في سجن أرواد لأنّهم خافوا من صوته الحرّ أن يشعل نار الثّورة ضدّهم إنّه نجيب الريّس الّذي ما خاف سجناً ، ولا أرعبته ظلمتُه :
يا ظلام السّجن خيّم إنّنا نهوى الظّلاما
ليس بعد اللّيـل إلاّ فجر مجد يتسامى
ومن العراق الجواهريّ الّذي وقف في وجه الظّلم لا يردعه عن قول الحقّ رادعٌ ، ولا يخيفُه شيءٌ عن قول ما يجبُ أن يُقَال لشعب أدماه المستعمر ، وأرهقه طغيانه . فسجن وطُردَ من وطنه ، فها هو يشير في قصيدة له إلى البطل الّذي يحمله في صدره فيتوحّد البطل الحاقد على أعدائه والشّاعر الإنسان معاً :
سلامٌ على حاقد ثائر على لا حبٍ من دمٍ سائر
يخبّ و يعلمُ أنّ الطّريـــق لا بدّ مفضٍ إلى آخر
وينضمّ الزّركلي إلى قافلة هؤلاء الأدباء الأبطال الّذين ربطوا القول بالفعل ،فتركوا راحتهم وهجروا هناءة الحياة في سبيل أوطانهم و شعوبهم ، فطردهم المستعمر خارج بلدانهم :
أُقصِيْتُ عنك ولو ملكتُ أعنَّتي لم تنبسط بيني و بينك بيدُ
ولشعراء القضيّة الفلسطينيّة نصيب في ذلك فهم روّاد المعاناة و الألم ، وهم المُهجَّرون دائماً عن أوطانهم أو في سجون الاحتلال يقضون فترة سجنٍ ثمناً لقول قالوه ، أو موقفٍ يعبّر عن التزامهم بقضايا أمّتهم ، ومنهم محمود درويش الّذي يرى أنّه جزء لا ينفصل عن موضوعه أرضِ فلسطين :
وأستلّ من تينة الصّدر غصناً / وأقذفه كالحجر / وأنسف دبّابة الغاصبين .
ويقول أيضاً من قصيدةٍ أخرى يشير فيها إلى معاناته داخل سجون الاحتلال ، ولكنّه مزروعٌ بالأمل ،أملٍ يتلخّص بفكرة مفادها " أنّ الشّعوب لا تموت أبداً ، والمستعمر راحلٌ لا محالة ":
يا دامي العينين و الكفّين إنّ اللّيل زائل
لا غرفةَ التّوقيف باقيةٌ و لا زرد السّلاسل
وهناك الكثير من الأدباء أمثال هؤلاء ، ولكنّ القافلةَ أكبرُ من أن تُحصى ، وهؤلاء كوكبةٌ منهم كان همّهم الوحيد أن يدرك أبناء الوطن ما هم عليه ، وأن يكشفوا خداع المستعمر وزيف دعواته ، وأن يعود الوطن إلى أبنائه ليعيشوا أحراراً فوق أرضه .



الموضوع الرابع :
خلّد أدبنا الحديث رموز النّضال ، وأبرز مناقبهم و سجاياهم ، كما صوّر البطولات الجماعيّة ، وأشار إلى التّضحيات في معارك المواجهة نا قش و استشهد .
شرُّ ما ابتليت به الأمّة العربيّة وقوعُها تحت نير الاستعمار بأشكاله ( حماية ، انتداب ، وصاية..) والّذي راح يقسّم البلاد ، وينهب العباد ، و يمزّق أوصال الوطن . فكان على الإنسان العربيّ أن يجابه الاحتلال بكلِّ ما أُتي من قوّةٍ .
وقد رافق أدبنا العربيّ هذه المسيرة النّضاليّة مصوّراً ، ومحرّضاً ، وقائداً، ولهذا شرع أوّلاً يخلّدُ رموز النّضال العربيّ ، فحين وقعت ليبيا في قبضة الاحتلال الإيطاليّ وقف شيخ المجاهدين عمر المختار يذود عن الدّيار مع مجاهدين آخرين ، ويحمي وطنه بأدواته البسيطة سيف ، وبندقيّة ، وحصان تمرّس على القتال كفارسه فكبّد أعداءه خسائرَ فادحةً رغم ذلك ، وحين أُعدم جعلَ شوقي من استشهاده عرس نضال ، فقال :
ركزوا رفاتك في الرّمال لواء يستنهض الوادي صباح مساء
يا ويحهم نصبوا منارا من دمٍ يوحي إلى جيل الغد البغضـاء
وكان للمرأة الدّور الّذي لا ينكر في معارك المواجهة مع المستعمر ، ومن تلك النّساء البطلة المناضلة جميلة بو حيرد الّتي كانت مصدر رعبٍ للمستعمرين الفرنسييّن ، وملهمةً و محرّضةً على النّضال لأبطال المقاومة من أبناء جلدتها ، فقال فيها الفيتوري:
إذاً هبيني ساعةً من حياة / حياةِ روحٍ داخلَ السّجن / حياتِك السّاعةَ يا جميلة / في ليل زنزانتك الطّويلة /
وقد أشار الشّعراء إلى سجايا أبطال المقاومة ، ومناقبهم وصفاتهم الّتي يتحلّون بها ، ومن تلك السّجايا العفّة و الِشجاعة و التّضحية والعروبة و الفروسيّة و الإيثار والتّرفّع عن الدّنايا ... وهذا ما ذكره أحمد شوقي في رثاء شيخ المجاهدين عمر المختار :
جـــرح يصيح على المدى وضحيّة تتلمّس الحريّة الحمـراء
يا أيّها السّـيف المجرّد في الفلا يكسو السّيوف على الزّمان مضاء
خيّرت فاخترت المبيت على الطّوى لم تبن جــــاهاً أو تلمّ ثراء
كما يبرز شوقي في نصّه فروسيّة المختار الّتي قلّ مثيلها ، فهو الملازم للخيل ، و الفارس الأصيل :
لكن أخو خيل حمى صهواتها وأدار من أعرافها الهيجاء
ولم يكتفِ الأدباء بإبراز البطولات الفرديّة والإشارة إلى مناقب وسجايا من قاموا بها ، وإنّما راحوا يصّورون البطولات الجماعيّة ، ومن تلك البطولات ما قام به الشّعب العربيّ في سوريّة عندما واجه المستعمرين بضراوة ، فصوّر الزّركلي هذه المواجهة فقال:
غلت المراجل فاستشاطت أمّة عربيّة غضباً و ثار رقــود
زحفت تذود عن الدّيار وما لها من قوّة فعجبت كيف تـذود
وقد أشار الأدباء إلى نوعين من التّضحيات الّتي قدّمها أبناء الوطن العربيّ على مذبح الحريّة
فقد جاد أبناء أمّتنا العربيّة بحرّيتهم فداء لوطنهم الغالي ، فقارعوا الاستعمار وانتفضوا في وجهه يبتغون العزّة والكرامة لهم و لوطنهم و أبناء شعبهم ، ولقد أشار نجيب الريّس إلى تضحيات المعتقلين ، وكان واحداً منهم :
يا ظلام السّجن خيّم إنّنا نهوى الظّلاما
ليس بعد اللّيــل إلاّ فجر مجد يتسامى
و أشار الأدباء إلى ما قدّمته الأمّة العربيّة على مذابح الحريّة من شهداء رووا أرض أمّتهم بدمائهم الزّكيّة فانتشت الأرض طرباً ، وفاحت عطراً .فهذا أبو ريشة يشير إلى كثرة الشّهداء وسيل الدّماء فيقول :
يا عروس المجد تيهي و اسحبي في مغانينا ذيول الشّهب
لن تري حفنة رمل فوقــها لم تعطّر بدمـا حـرّ أبي
ومن هنا نرى كيف صوّر الأدباء بطولات شعبنا الفرديّة و الجماعيّة ، ورسموا مناقب الأبطال الّتي كانوا يتّصفون بها ، وأبرزوا الـتّضحيات الّتي قدّمها الشّعب العربيّ طلباً للحريّة و الاستقلال و الكرامة دماءً تسيل أو سجناً يُنشِدون فيه أناشيدَ النّصرِ القادم .
ملاحظة : ثمّة بطولات أخرى جماعيّة كما في بور سعيد أو نصّ وردة من دمنا ، وقد ذُكرت هذه البطولات في القسم الأوّل من التّعبير .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الموضوع الخامس:
دعا الأدباء في عصر النّهضة إلى الوحدة العربيّة ، وقاوموا التّجزئة . وبعد الحرب العالميّة الثّانية التزموا بالوحدة العربيّة قولاً وفعلاً .
في الوحدة قوّة ، هذا ما أدركه الأدباء منذ القديم وحتّى وقتنا هذا ، ولم يتوانوا عن التّذكير بالوحدة في كلّ مناسبة من مناسباتهم والإشارة إلى مقوّماتها الّتي يملكها العرب ، بل دعوا إليها بأشكالها وألوانها ، لأنّهم أدركوا أيضاً أنّ أيّ لون من ألوانها سيكون بداية لوحدة سياسيّة بعد ذلك .
ولهذا وبعد أن نالت الأقطار العربيّة حريّتها من المستعمر الباغي ، راح الأدباء يبرزون الرّوابط القوميّة
و يشيرون إلى المشاعر العاطفيّة الّتي تجمع العرب ، فهذا أبو ريشة يمجّد تلك الآلام الرّابطة للعرب و الموحّدة لهم :
لمّت الآلام منّا شملنا ونمت ما بيننا من نسب .
ولم يتوانَ الأخطل وهو يرى الفرصة سانحة للتّذكير برابط المشاعر العاطفيّة الّتي تجمع أبناء العروبة ،
الّذين هبّوا لنجدة فلسطين المنكوبة ، وسالت دماؤهم الزّكية تروي أرض فلسطين في عام 1936وجادوا بأرواحهم من أجلها ومن أجل أخوة لهم على أرضها يعانون ظلم العدوّ الصّهيَونيّ :
وأنيناً باحت النّجــوى به عربيّـاً رشـفته مقلتانـا .
نحن يا أخت على العهد الّذي قد رضعناه من المهد كلانا .
وأرض فلسطين أرض العرب جميعاً ، فالعرب أرضهم واحدة ، وامتدادها واحدٌ ، ويجمعهم الحبّ العربيّ ، والهوى العربيّ . هذه الرّوابط القوميّة الّتي أكّد عليها الأدباء إضافة إلى روابط أخرى كالدّين و المصير الواحد و اللّغة:
يثرب و القدس منذ احتلما كعبتانا وهوى العرب هوانا
كما رأى الرّصافيّ أيضاً أنّ توحيد مناهج التّعليم يعدّ نواة لوحدة عربيّة شاملة تتوحّد فيها قوى العرب فتقوى شوكتهم ، ويهابهم أعداؤهم :
فأجمعوا الرأي فيما تعملون به ثمّ اعملوا بنشاط ينــكر المللا
ثمّ انهجوا في بلاد العرب أجمعها نهجاً على وحدة التّعليم مشتملا
حتّى إذا ما انتدبنا العرب قاطبة كنّا كأنّا انتدبنا واحداً رجــلا
وبعد الحرب العالميّة الثّانية التزم الأدباء قضيّة الوحدة العربيّة التزاماً ينمّ عن إدراك حقيقيّ لضرورة وحدة العرب أمام التّحدّيات الكثيرة ، والّتي لن تقوم للعرب قائمةٌ إن لم يتّحدوا في وجه هذه التّحدّيات.
ولهذا دعوا إليها ، وأبرزوا فرحتهم و فرحة شعوبهم بتحقيقها ، فسليمان العيسى رأى أنّ مولده قد بدأ يوم إعلان الوحدة بين سوريّة و مصر عام 1958م ، وهذا يدلّ على التزام الوحدة قولاً وفعلاً :
منذ يومين قد وجدت فعمري يوم أعلنت مولدي اليعربيّا .
إنّها حلم الجماهير العربيّة ، وفرحتهم فرحة الشّاعر ، وهي فرحة عظيمةٌ كما يشير إليها سليمان العيسى:
أنا في هدرة الحناجر أنسا بُ هتافاً ملء الدّجى ودويّا
الأهازيج ترعش الأفق حولي وتصبّ الحياة في مسـمعيّا
كما أشار إلى أهميّة الوحدة العربيّة في مواجهة التّفرقة و التّجزئة :
فرحة الشّعب شعبنا وهو يطوي ظلمات العصور و الذّل شيّا
وقد أبرز إمكانيّات الوحدة العربيّة الّتي تتمثّل في أنّها تحرّر الوطن من المستعمر البغيض ، وتقوّي العرب ليتخلّصوا من وجه الغراب هذا الّذي عاث فساداً في أرضهم :
يا ليالي الضّياع و القيد زولي نحن باقون وحدة لن تــزولا
وحدة في السّماء والأرض منها لهب يغسل الأذى و الدّخيلا
وهي الكفيلة بتحرير ما تبقّى من أراضينا تحت نير مستعمر بغيض أو محتلّ دنيء ليعود الوطن كلّ الوطن بيد أبنائه :
وحدة تجمع المشرّد بالأهل عناقاً بعد الفراق طويلا
هذه الوحدة الّتي تعد بالخلاص من المستغلّين الّذين سلبوا و نهبوا . فالفلاّح لا يحصل على جنى تعبه ، والعامل لا يأخذ من أجره إلاّ النزر اليسير :
وتلمّ المعذّبين بأرضي موجة لن تضلّ بعد السّبيلا
إنّها الوحدة الكفيلة باستعادة الدّور الحضاريّ لأمّتنا العربيّة هذا الدّور الّذي فارقها زمناً طويلاً بعد أن كانت تمتلك زمام أمرها ، وكانت تقود العالم كلّ العالم نحو حضارة يشهد التّاريخ لها :
سلبتنا الدّنيا قناديلنا الزّهــــــر فعدنا نحيلها قنديلا
وهكذا رأينا كيف دعا أدباؤنا العرب إلى الوحدة العربيّة مشيرين إلى مقوّماتها الّتي يملكها العرب ، داعين إليها في كلّ مناسبة ، مبرزين إمكانيّاتها الّتي لا يجحدها عاقلٌ ، وكانوا بعد الحرب العالميّة الثّانية قد التزموا بها قولاً وفعلاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الموضوع السادس :
صوّر الأدباء جوانب من معاناة الإنسان العربيّ في ظلّ الاستغلال ، وقدّموا صوراً لمعاناته ، وقسوة عيشه في المهجر .
عاش إنساننا العربيّ تحت وطأة الاستغلال يعاني ضنك العيش ، وقسوة الحياة ، فالفلاّح لا ينال من شقائه في أرضه إلاّ النزر ممّا تنتجه أرضُه ، ويحصل الإقطاعيُّ على الأرض وصاحبِها ، يفعل به ما يشاء من أجل لقمة عيش مغمّسة بالدّم ، أمّا العاملُ فلم يكن هو الآخر بأفضلَ حالٍ من صنوه الفلاّح ، فكلاهما في سفينة الشّقاء سواء . وما اقتصر الشّقاء الإنسانيّ عليهما بل كشف الأدب صوراً للشّقاء الإنسانيّ من هنا وهناك لكنّ القاسم المشترك بينها جميعاً هو الإنسان .
ومن هذه الصّور صورة الفلاّح المستَغَلّ الّذي كشف الشّاعر أحمد عبد المعطي حجازي بعضاً من معاناته عندما رسم لنا بريشته الحزينة واقع الفلاّح في الرّيف المصريّ حيث قلّة المياه أماتت الخير في الأرض ، وزرعت المأساة و الحزن في النّفوس :
ولدت هنا كلماتنا/ ولدت هنا في اللّيل يا عود الذّرة / يا نجمة مسجونة في خيط ماء / يا ثدي أمّ لم يعد فيه لبن / .
هذه حال الفلاّح ، فهل كانت حالة العامل أفضلَ ؟ هذا ما يكشفه أحمد شوقي عندما خاطب العمّال خطاباً ينمّ عن الشّقاء الّذي يعاني منه العامل في مصنعه ، فهو لا يأخذ أجر يومه ، وعليه أن يطلب من سادته أصحاب رأس المال أجرَ يومه و وثمنَ شقائه برفق :
أيّها العمّال أفنوا الـ ـعمر كدّاً و اكتسابا
واعمروا الأرض فلولا سعيكم أمست يبـابا
اطلبوا الحقّ برفــق واجعلوا الواجب دابا

كما صوّر السيّاب معاناةَ الكادحين في ظلّ الاستغلال ، وفضح قوى الاستغلال هذه الّتي حالت دون العيش الكريم لفئات كبيرة من المجتمع تعيش على هامش الحياة لاتملك من مقوّماتها شيئاً :
يريدون ألاّ تتمّ الحياة مداها / وألاّ يحسّ العبيد / بأنّ الرّغيف الّذي يأكلون أمرّ من العلقم / وأنّ الشّراب الّذي يشربون/ أجاج بطعم الدّم / وأنّ الحياة الحياة انعتاق
ولقد أشار السيّاب في هذا النصّ إلى أساليب المستغلّين الوحشيّة ، وأسلحتهم المدمّرة لكلّ ما ينبض بالحياة:
حديد ؟ لمن كلّ هذا الحديد ؟ لقيد سيلوى على معصم ؟ ونصل على حلمة أو وريد / وقفل على الباب دون العبيد / وناعورة لاغتراف الدّم /.
وقد اصطدم أدباء المهجر بالواقع القاسي في مهجرهم القصيّ ، وما كانوا يتوقّعون أنّ الحياة ستكون بهذه القسوة ، فناءت الحياة بثقلها ووطئتهم بمنسمها، فعاشوا في عوز ، وراحوا يصوّرون هذه الحياة بكلّ دقائقها فهذا إلياس فرحات يصوّر في نصّه هذا صعوبة العيش ، وحظّه العاثر الّذي لم يطاوعه يوماً فيقول :
طوى الدّهر من عمري ثلاثين حجّةً طويت بها الأصقاع أسعى وأدأب
أغرّب خلف الرّزق ، وهو مشرّقٌ وأقســم لو شرّقت راح يغرّب
ثمّ ينتقل ليصوّر بشكل واقعيّ حياته كبائع متجوّل يسعى إلى رزقه المعاند بعربة تحمل صناديق فيها بضاعته الّتي تسرّ النّاظر إليها و تعجبه لما فيها من بضائع مختلفة الأشكال و الألوان :
ومركبة للنّقل راحت يجرّها حصانان محمرٌّ هزيلٌ و أشهب
جلست إلى حوذيّها ووراءنا صناديق فيها ما يسرّ و يعجب
ويشير فرحات إلى قسوة الحياة في تلك الغربة فلا بيوت يعيشون فيها كخلق الله ، ولا ماء يشربونه إن ظمئوا ، ولا راحة لهم بعد تعب يومهم :
نبيت بأكواخ خلت من أناسها وقام عليها البوم يبكي و ينـعب
ونشرب ممّا تشرب الخيل تارةً وطوراً تعاف الخيل ما نحن نشرب
ومن هذا كلّه نجد كيف عانى الإنسان في ظلّ الاستغلال ، فلاّحاً كان أم عاملاً ، وقد رافق الأدب مسيرته في المعاناة فكشف هذا الواقع الأليم ، وصعوبةَ الحياة في الغربة حيث الوطن في القلب و على الجباه سطور الظّلم و القهر .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الموضوع السابع:
أكّد الأدباء العلاقة ما بين الجهل و الاستبداد، وبين الجهل و شقاء الفلاّح ودعوا إلى بناء جيل عربيّ مسلّح بالعلم و الأخلاق .
الجهل علّة العلل ، ومصيبة المصائب على الفرد و المجتمع والأمّة . فكم من أمّة ذلّت بسبب الجهل!وكم من أمّةٍ عزّت بسبب العلم والمعرفة!وأمّتنا العربيّة أخذت بأسباب العلم فغدت عزيزة كريمةً وعاش أبناؤها بهناءة وسعادةٍ ، وحين خيّم الجهل وكثرت أمراضه و علله تردّت في مهاويه ، وشرع الأدباء يكشفون عن أسبابه الّتي رأوا أنّها لا تتعدى المستبدّ ، فهو سبب من الأسباب الّتي أدّت لأن يعيش أبناء العروبة تحت وطأته فالمستبدّ والعلم لا يلتقيان ، وهذا الكواكبيّ يكشف لنا هذه العلاقة بينهما في قوله :" ترتعد فرائص المستبدّ من علوم الحياة مثل الحكمة النظريّة و الفلسفة العقليّة ".
والمستبدّ يحارب العلم و رجاله و يلاحقهم أنىّ كانوا ، وينكل بهم ، أو ينفيهم ، أو يسجنهم لأنّ الاستبداد لا يألوا جهداً في إغراق الرعيّة في حالك الجهل . يقول الكواكبيّ في ذلك :" إنّ الاستبداد و العلم ضدّان متغالبان ، فكلّ إدارة مستبدّة تسعى جهدها في إطفاء نور العلم و حصر الرعيّة في حالك الجهل ". ثمّ يشير الكواكبيّ بعد ذلك إلى ملاحقة المستبدّ لرجال العلم :" و الغالب أنّ رجال الاستبداد يطاردون
رجال العلم و ينكّلون بهم فالسّعيد من يتمكّن من مهاجرة دياره ".
ولاحظ الشّعراء أنّ شقاء الكادحين يعود إلى جهلهم ، ولهذا بدأ الأدباء يصوّرون للفلاّح واقعه ، ويرسمون له معالمه ، ويكشفون له عن واقعه المرّ الّذي يعيشه عساه ينتفض كالمارد ، ويبعد عنه ما ألمّ به من حيف وجور لأنّ الشّعراء أدركوا أنّ الفلاّح لا يمكن له أن يغيّر الواقع مالم يدركه ، فهذا حجازيّ يرسم لنا أسباب شقاء الفلاّح فيقول :
يا أيّها الإنسان في الرّيف البعيد / يا من يصمّ السّمع عن كلماتنا / أدعوك أن تمشي على كلماتنا/ بالعين لو صادفتها / كيلا تموت على الورق / أسقط عليه عليها قطرتين من العرق / كيلا تموت /
فالصّوت إن لم يلق أذناً ضاع في صمت الأفق .
وبعد أن أدرك الأدباء واقع الإنسان ومعاناته بسبب الجهل ، تطلّعوا للحلول فوجدوها في العلم المرتبط بالأخلاق الحميدة الّتي توجّهه إلى ما فيه خير الإنسانيّة جمعاء ، وإلاّ فإنّ العلم قد يغدو أخطر من الجهل إنِ استخدمَ استخدامات خاطئة تدمّر الإنسانيّة وهذا ما يُفْهَمُ من قول الرّصافيّ حين دعا إلى العلم وربطه بالأخلاق :
ابنوا المدارس واستقصوا بها الأملا حتّى نطاول في بنيانها زحلا
جودوا عليها بما درّت مكاسبكم وقابلوا باحتقار كلّ من بخلا
وهو يراه علماً مرتبطاً بالأخلاق وإلاّ فلا نفع منه ، ولا نفع ممّن يحمله من أبنائنا ، فالأخلاق تزيّنهم و يكتمل بناؤهم بها :
ربّوا البنين مع التّعليم تربيةً يمسي بها ناقص الأخلاق مكتملا
وممّا سبق نجد أنّ الأدباء أدركوا ما للجهل من مصائب في حياتنا ، وأشاروا إلى ارتباطه بكلّ المشكلات الّتي يعيشها الإنسان بل هو سببها الوحيد ، وعلموا أنّ العلم وحده كفيلٌ بالخلاص ، بل إنّ العلم وحده لا يجدي إنْ لم يكن مرتبطاً بأخلاق توجّهه لما فيه خير الإنسان و الكون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الموضوع الثامن :
انقسم الأدباء الوجدانيّون بين مرحّبِ ومعارضٍ للألم ، بينما هام فريقٌ منهم بحبّه السّامي ، وراح يصف جمال محبوبته .
الأدب الوجدانيّ هو ذاك الأدب الّذي يعبّر فيه صاحبه عن مشاعره الصّادقة وأحاسيسه المتوقّدة ، وأيّا كان الموضوع فالذّات الشّاعرة تهزّك بوجودها في كلّ لفظةٍ ، معلنةً حالة حزن أو حبّ أو ألم أو حالة غضب ما بعده غضب ، أو حالة سكون ما بعده سكون ، وفي الحزن تراها تبهرك وفي الألم تشعر بها تنغّص حياتك بل تشعر بالألم يقطّع الأوصال ويمزّق القلب ، فهذا خليل مطران يجلب لك الحزن وأنت تقرأ حزنه و ألمه ويبرز معاناته بسبب المرض و الشّوق فيقول :
داءٌ ألمّ فخلت فيه شفائي من صبوتي فتضاعفت برحائي
ياللضّعيفين استبدّا بي وما في الظّلم مثل تحكّم الضّعفاء
ثمّ يشكو إلى الطّبيعة ما حلّ به من مرض ، وما به من صبوةٍ ، لكنّ البحر يجيبه بقسوة أمواجه العاتية الّتي
تعبث بها الرّياح الهوجاء :
شاك إلى البحر اضطراب خواطري فيجيبني بـرياحه الهـوجـاء
فمطران متألّم ممّا حلّ به من مرض عُضال يكاد يودي بحياته ، ومن حقّه الألم ، ولكن أن يتلذّذ بدويّ الجبل بالألم فالأمر غريبٌ :
يريد بدعاً من الأحزان مؤتلقاً ومن شقاء الهوى يختار أقساه
وها هو يشير إلى انفراد الحبيب بمن يحبّ ، فالحبيب هو دنيا المحبّ وحياته الّتي استقلّ بها ، فلكل حياته من النّاس و حياة العاشق حبيبه :
تقسّـم النّاس دنياهم وفتنتها وقد تفرّد من يهوى بدنياه
ما فارق الرّيّ قلباً أنت جذوته ولا النّعيم محبّاً أنت سلواه
وهو يشير إلى مشاعر الإعجاب بعينيّ محبو بته وسحرهما حتّى أنّ نجوم السّماء راحت ترشف نظراتها فتترنّح سكراً :
ورنوة لك راح النّجم يرشفها حتّى ترنّح سـكرٌ في محيّاه
وحبّه لها لا يضاهيه حبٌّ ، فهو أعظم من كلّ حبّ عرفته البشريّة ، بل أعظم من حبّ النجمة للفجر وقيس لليلى :
مولّه فيك ما فجرٌ و نجمته مولّه فيك ما قيسٌ و ليلاه
بل يذهب شاعرنا إلى أبعد من ذلك ، فهو يرى أنّ حبّه سامٍ أنساه الدّنيا ، وهو لا يشتكي من هذا الحبّ ، لأنّ جمال محبوبته يستحقّ منه أن يترفّع عن ذلك :
سما بحسنك عن شكواه تكرمة وراح يسمو عن الدّنيا بشكواه
وحقّاً صدق قائلهم عندما قال :
تقسّم النّاسّ دنياهم و فتنتها وقد تفرّد من يهوى بدنياه
إذْ حظي كلّ شاعر منهم بما يخفّف من غليان الرّوح المتمرّدة فبعضهم استعذب الألم ، وبعضهم رأى فيه ما يؤلم لا لشيء فقط لأنّ الحبيب سيوّلي الأدبار ، وسيصمت القلب العاشق إلى الأبد ، وآخرون منهم حزنوا لحالة مجتمعهم فآلمهم ما يعاني فتوحّد الألم وتضاعف الحزن ، واغرورقت العيون فانهمل الدّمع شعراً لا أحلى و لا أجمل .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
موضوعات تعبير ثالث ثانوي أدبي وعلمي قديم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» موضوعات تعبير ثالث ثانوي أدبي وعلمي قديم
» دراسة نص " لمن نغني" ثالث ثانوي قديم
» دراسة بعض الكلمات صرفياً أدبي وعلمي
» نموذج امتحاني بكلوريا ثالث ثانوي لغة عربية جديد
» دراسة نصّ " الشّهداء" أدبي قديم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مدرسو اللغة العربية في سورية :: منهاج اللغة العربية لمرحلة التعليم الأساسي للصفوف(السابع والثامن والتاسع)-
انتقل الى: